لقاء مع الكاتبة مي حسام

 القدرة على العطاء هي صفة يتمتع بها قليل من البشر، لكن هي جزء من شخصية اليوم، والتي ستعرف عليها أكثر في لقاء مع الكاتبة مي حسام أبو صير. 

لقاء مع الكاتبة مي حسام أبو صير


الكاتبة مي حسام

مي حسام أبو صير كاتبة مصرية من محافظة دمياط، مواليد ١٩٨٤ تخرجت في كلية الحقوق جامعة المنصورة  متزوجة وأم لثلاث أطفال

صدر لها رواية قوة الأناناس معرض القاهرة الدولي للكتاب ٢٠٢١
رواية روايات منسية معرض القاهرة الدولي للكتاب ٢٠٢٢،
وقريبا رواية لحظات مفقودة معرض القاهرة الدولي للكتاب ٢٠٢٣
ولها العديد من القصص القصيرة، لكن لننتقل لمحاورتها لنتعرف عليها أكثر.

كيف اكتشفت موهبتك في الكتابة؟

رحلتي مع الكتابة بدأت منذ صغري حيث كنت أحاول تقليد والدي لتكون النتيجة جمل موزونة بطفولية ليس من المدهش أن تنال اعجابه وتشجيعه المستمر.
كانت تبهرني مكتبته الكبيرة الممتلئة بكتب في مختلف المجالات لدرجة أنني كنت أقف على كرسي لأستطيع رؤية كل الكتب وتخيل ما تحتويه وقصة كل كتاب من مجرد العنوان والغلاف، وأيقنت منذ ذلك الوقت أن العنوان والغلاف ربما كثيراً أهم من المحتوى الذي لولاهما ما كنا عرفنا ما بداخله.
عندما أصبحت في المرحلة الإعدادية كانت متعتي الوحيدة توفير ما استطيع توفيره من مصروفي لشراء روايات الجيب التي عشقها معظم جيلي لتكون رفيقتي كل إجازة.
مع مرور السنوات أصبحت الأبيات الموزونة أكثر نضجاً لتتحول لخواطر شبابية وقصص قصيرة لم ترى النور حينها ولم يعرف أحد بوجودها من الأساس فقد رحل من كنت أكتب لأجل أن أرى الفخر في عينيه.
في فترة ازدهار المدونات عبر الإنترنت نجحت في إنشاء مدونة تضم ما أكتب تحت اسم مستعار فلقد كنت أعتبر ما تبوح به خواطري أسرارا تكشف كل خبايا صاحبها ويجب اخفاءها باحكام.
توقفت لفترة طويلة عن الكتابة تفرغت فيها لتكوين أسرة ورعاية أولادي، تلك الفترة التي أعتبرها قدر بنات حواء سواء العاملات أو غير عاملات فكثيراً ما تشغلنا مسؤليات الحياة عن التفكير فيما نحب أو نهوى وربما نتأخر قليلاً عن أحلامنا ولكن علينا ألا ننساها ولقد تذكرت تلك الأحلام أخيراً.

كيف تحولت من النشر المستعار لمرحلة مواجهة الجمهور والقراء؟

بعد كتابتي للرواية الثانية والتي لم ترى النور كسابقتها ولم تتعدى حدود حاسوبي الخاص فكرت في النشر على إحدى مجموعات الروايات المعروفة لأتفاجأ برفض الرواية مما سبب لي احباطاً شديداً حينها ولم أكن قد أرست سوى ثلاثة فصول فقط وكان ذلك لحسن حظي فقد فوجئت خلال نفس الإسبوع بعنوان روايتي قد قامت إحدى مسؤلات المجموعة بسرقته وتغير عنوان روايتها بالفعل لهذا العنوان ولم تكتفي بذلك ولكن مشاهد كاملة من روايتي تم سرقتها وتقسيمها على كاتبات المجموعة المشهورات، حينها قررت ألا أفكر في النشر بتلك الطريقة نهائياً، لتساعدني بعدها صديقتي في الوصول لإحدى دور النشر لتكون أولى رواياتي قوة الأناناس.

هل من حل للسرقة الأدبية الإلكترونية؟

للأسف السرقات الأدبية والفكرية موجودة من قديم الأزل حتى قبل عصر الإنترنت، ولكن مع التطور السريع واستخدام مواقع التواصل الإجتماعية من شريحة كبيرة جداً مختلفة الأفكار والاتجاهات أصبح هذا النوع من السرقات أسهل وأسرع، ولا يوجد لهذا النوع حلول نهائية، ولكن اكتشاف تلك السرقات أصبح أكثر سهولة أيضا عن طريق محركات البحث، وذلك لا يمنع من أن توثيق الأعمال الأدبية أمراً مهماً سواء توثيق ورقي أو إلكتروني لسهولة إثبات تلك الحقوق.

كيف كانت رحلتك في البحث عن ناشر وصعاب تلك المرحلة؟

اعتقدت في البداية كغيري الكثير من أصحاب ذلك الحلم أن النشر سهلاً؛ فالموهبة تثبت نفسها بصرف النظر عن أي شيء آخر؛ ولكني وللأسف اكتشفت أن الكاتب يتعرض للاستغلال والابتزاز المادي والمعنوي بعلم الجميع في هذا المجال، وكنت واحدة من آلاف الكتاب الذين تعرضوا لذلك الاستغلال الحقير، استغلال الأحلام والافكار تحت اطار شرعي لا يحمي سوى طرف واحد بالطبع الكاتب أضعف طرف فيه، فلم أكن الأولى ولا الأخيرة، ولكني أخيراً عوضني الله بالهبوط بسلام على أرض دار ديوان العرب للنشر والتوزيع

كيف اختلفت التجربة أثناء النشر مع الديوان؟

لا يوجد مقارنة من الأساس عندما نتحدث عن دار تسعى لبناء كاتب وليس كتاب تبحث عن الربح من ورائه فقط، فدائماً في ديوان العرب نجد الدعم والتوجيه والنصيحة التي لا يبخل علينا بها أبداً دكتور محمد وجيه.

لحظات مفقودة كيف كانت فكرة وطقوس هذا العمل؟

دائماً ما يشغلني ويلفت نظري القضايا الاجتماعية ومع كثرة حوادث الطرق بأنواعها كان يجذبني مشهد أسر الضحايا والمصابين وما يمكن أن يكون ورائهم من قصص، تكونت الفكرة مع الوقت لتبدأ بخاطرة حقيبة سفر والتي كانت أولى سطور الرواية.
ليس لي طقوس خاصة في الكتابة فلما سنحت لي الفرصة للأختلاء بقلمي تأخذني الكتابة معها كما تشاء الأفكار دون أي قيود.

كيف ترين النقد والانتقاد في الاعمال الأدبية في هذا الوقت؟

كل كاتب حقيقي هو ناقد بالفعل، فكلما اتسعت مدارك الإنسان وثقافته ذادت قدرته في الحكم على الأمور، ولكن هناك من لديه القدرة على بلورة نقده ووضعه في إطاره الصحيح، دائماً ما نجد من يطلب النصيحة والإرشاد سواء كان هذا الطالب يعي معنى النقد الأدبي أم لا، وهنا واجب تقديم ذلك التوجيه بضمير أدبي بعيداً عن المجاملات الأدبية أو حتى الشخصية قدر المستطاع، وأن يزن كل شيء بميزان عدل حتى لا يضره، للأسف أرى كثيراً من النقد به بعض من المجاملة والمدح الزائف الذي يضر أكثر مما يفيد؛ فالقارئ واعي ويستطيع التفرقة جيداً، أو حتى العكس نجد النقد لازعاً محبطاً صادر دون أي مبررات أدبية أو يحمل هجوم محبط وخاصة للأدباب الجدد، وهنا يظهر جيداً الفارق بين ناقد حقيقي ألهمه الله البصيرة والعلم وبين غيره ممن يحكم على الأمور بذوقه الخاص.

كيف ترين جدية التزام الكُتاب بعامل نجاح الروايات والاعمال الادبية والكتب؟

في عصر الانفتاح التكنولجي وسهولة التواصل نستطيع أن نؤكد أن هناك أقلام تستحق الوصول للقارئ، ولكن تلك السرعة التي هي سمة العصر جعلت الكثير من الشباب يطمح في اقتحام عالم الكتابة والشهرة بنفس السرعة التي اعتاد عليها، دون أن يكون قد كون خبرة ورصيد أدبي وثقافي يؤهله للدخول في هذا العالم، ورغم مشروعية ذلك الطموح إلا أنه يضر نفسه دون أن يشعر، فلقد اقتحم عالم يحكمه العقل والمنطق والثقافة، وبه من الخبرات ما لا يستهان بها ولا بتاريخها أو حتى بالتاريخ الذي كتبه الأسبقين،  فلو حالفه الحظ واستطاع حقاً نشر كتاباته أيا كان نوعها إلكترونيا أو حتى ورقياً لابد أن يعي جيداً أنه سيأتي يوم المحاسبة _قرب أو بعد_ الذي سيقف فيه أمام نفسه وأمام الجميع ليحاكم عن تاريخه الذي خطه بيده دون خبرة أو اهتمام بنصيحة قدمت له يوم.

لحظات مفقودة؛ كيف ترين رد فعل الجمهور عليه بعد تجربتك السابقة؟

بالفعل قمت بنشر روايتين من قبل إحداهما لا أعتبر أنها نشرت فعلياً فقد تم وقف دار النشر قبل توزيع الرواية، أما الأخرى فقد نفدت الطبعة الأولى خلال أسابيع قليلة، وذلك يعد نجاحاً بالطبع ولكن لأسباب خاصة بدار النشر لا أعلمها بالإضافة لعدم خبرتي حينها لم يتم إصدار الطبعة الثانية وتم فسخ العقد، قمت بنشر الرواية إلكترونيا لأتمكن من معرفة آراء القراء الحقيقة عن قرب، لاقت الرواية نجاحاً إلكترونيا كما حدث ورقياً وحققت مرات تحميل كانت مفاجأة في مدة قصيرة، أعتبر ذلك عوضاً لي وإشارة أن أكمل الطريق دون الالتفات للوراء، أعتقد أن لي رصيد لا بأس به عند كل من قرأ لي يوماً، والحمد لله الكثير في انتظار روايتي الجديدة أن ترى النور، متفائلة من ردود الفعل إلى الآن بعد نشر بعض الاقتباسات وكذلك فكرة الرواية التي لاقت تفاعل واهتماماً كبيراً

هل الأدب يعد رفاهية أم جزء يجب الالتزام به في  المجتمع؟

للأسف في مجتمعاتنا هناك الكثير ممن ينظرون للأدب على أنه نوع من الرفاهية أو يهم شريحة الكتاب والدارسين فقط، وهذه النظرة هي التي جعلت هناك أجيالاً لا تجيد كتابة لغتها الأم، أصبح هناك من ينظر للغة العربية الفصحى أنها بلا فائدة أو قيمة، أصبح هناك من يرى أن قراءة ديوان شعر أو رواية مضيعة للوقت، رغم أن بالأدب ترتقي نفس الإنسان، ينير عقله وروحه وينمي قدراته الإبداعية، فبالأدب نستطيع أن نوسع المدارك والخيال للابتكار في شتى المجالات، عن طريقه نستطيع أن ننقي الروح والنفس من هموم الحياة لنكمل رحلة الحياة بمشقاتها، به وحده نستطيع معرفة ثقافات الشعوب وتاريخها؛ لنستطيع الرقي بأفكارنا نحو المستقبل، ومع كل ذلك آمل أن يكون للتطور التكنولوجي دوراً في عودة الإهتمام بالأدب فامكانية البحث والحصول على الكتب باختلاف أنواعها أصبح أكثر سهولة من ذي قبل، فأعتقد أن فضول الشباب للاستكشاف والمعرفة ربما يجعلهم دون شعور يسقطون في عشق الأدب باختلاف أجناس؛ فالتعبير بالكلمات له سحره الذي يأثر الكثير ممن يمرون عليه فيسرقهم لعالم يتطلعون بفضول لمعرفته.

القراءة بين الماضي والحاضر شهدت اختلافات، ما هي وجهة نظرك في هذه الجملة؟

بالطبع هناك اختلاف كبير فقديماً كان للكتاب الورقي قيمة والحصول عليه متعة لا تقدر بثمن أعتقد لم يعد يعرفها الكثيرين من الأجيال الحالية، ولكن الكتاب الإلكتروني الذي أصبح متوفراً بكل سهولة ميزة لا يمكن انكارها حتى بالنسبة للأجيال التي عشقت الكتاب الورقي، فيكفي سهولة الحصول على أي كتاب في أي وقت، بالإضافة لارتفاع أسعار الكتب الورقية مما جعل فئة كبيرة لا تستطيع توفيره وخاصة  نهمي القراءة، فيمكننا قول أن لكل عصر مميزاته وعيوبه التي هي أيضاً بطبيعة الحالة تناسب متطلبات العصر.

عندما كنت اتقصى المعلومات المتوفرة عن مي حسام،  لاحظت أنها تكتب المراجعات النقدية،  كيف تختلف التجربة بينها وبين الكتابة، واحتراف النقد؟

لا يوجد بالنسبة لي اختلاف كبير بين الكتابة والمراجعات النقدية لأني عندما أبدأ في مراجعة إحدى الروايات أنعزل تماماً كما أفعل مع كتابة رواياتي لأكتب المراجعة بذلك الاحساس الذي اكتسبته من الرواية بمجرد غلقي آخر صفحاتها، أكتبه بمشاعر لا تختلف عن تلك التي تعتريني مع كتابة قصة قصيرة شغلت تفكيري لفترة، وأعتقد أن تلك المشاعر تنتقل للقارئ وهو يتنقل بين سطور مراجعتي فينتقل إليه احساسي بالرواية، وهنا أشعر أني قدمت للكاتب الهدية التي يستحقها فلقد عشت بين سطور روايته أوقاتا تستحق التوثيق.
ربما بعد احتراف النقد الأمر اختلف بعض الشئ فلم يعد يمكنني التعبير عن مشاعري تجاه العمل كما كنت أفعل من قبل، وصراحة أدين بالفضل في ما وصلت إليه في النقد الأدبي لأستاذي الفاضل دكتور محمد وجيه الذي وضعني على أول الطريق، ومازلت أتعلم منه الكثير، فأنا اعتبر نفسي محظوظة بدخولي أسرة ديوان العرب، فهي ليست فقط دار لنشر عمل أدبي بل هي مدرسة من يدخلها يتعلم الكثير.

كيف يمكنك توجيه النصيحة للشباب ذا الموهبة قبل النشر والبحث عن الناشرين؟

في عصرنا الحالي أصبح هناك الكثير من دور النشر التي تستغل أحلام الشباب وعدم خبرتهم، لذلك على الكاتب عدم التسرع في التعاقد مع أي ناشر قبل البحث الجيد عن تاريخه والسؤال حول طريقة تعامله وتوزيعه للعمل، فلابد من دراسة كل خطوة جيداً، وبعد كل ذلك يجب أن يعي أن الشهرة والنجاح رزق  بيد الله وما عليه إلا الاجتهاد والسعي.


حوار/ أميرة إسماعيل 


إقرأ أيضا لقاء مع الكاتب محمد نزيه


إرسال تعليق

comments (0)

أحدث أقدم
Post ADS 2

آخر الأخبار

Post ADS 2