لقاء مع الكاتب محمد نزيه

 الإبداع لا يرتبط بالعمر أو التعليم، بل هو ملكة فكرية تنضج بالمعرفة والتعلم، أقرأ هذا في سطور لقاء مع الكاتب محمد نزيه.

لقاء مع الكاتب محمد نزيه


محمد نزيه 

  محمد نزيه حمدتو، مواليد القاهرة، خريج بكالوريوس تجارة جامعة الأزهر الشريف.
يعمل مدير ًا للحسابات بأحد  سلاسل صيدليات.
لكن لنعرف اكثر عنه بأول سؤال..

كيف بدأت حب الكتابة واكتشافها؟

في البداية اكتشفت حب القراءة، أوًلا من خلال النصوص الشرعية والعربية داخل الدراسة الأزهرية، ولهذا أصبحت قادر على سياقة الكلمات وتكوين حوارات بشكل سريع وسهل على مدار الدراسة.
لكن البداية الفعلية كانت بعد التخرج بسنوات عندما انحدرت الأخلاق بشكل كبير وأعمق في السنوات المنصرمة، شعرت أن بداخلي كمية مهولة من الأحاديث والروايات التي تريد الخروج إلى النور للحصول على فرصة لخلق شيء جديد وواقع أفضل من خلال الجيل القادم، لذا بدأت بالكتابة منذ ثلاث سنوات.

كيف ترى اختلاف الحياة أثناء الدراسة والعمل، وترجمة المرحلتان في الكتابة؟

الدراسة مرحلة مختلفة عن الواقع تشاهد كل الأمور من خلف ستائر مُلونة فيبدو كل شيء جميل، لا نعبء بشقاء أفراد العائلة أو تكبدهم الخسائر المادية والمعنوية.
لكن عند المشاركة في دورة الحياة وتحمل جزء من المسؤولية الإجتماعية تجاه الأسرة تبدأ الصعاب التي لم نستعد جيداً لها، وندرك أننا أهملنا أمور مهمة.

أما عن ترجمة تلك الأمور في الكتابة؛ بالتأكيد كل مرحلة تعطي نتائج مختلفة في شخصية الكاتب، لذا هي جزء من أحلام الفرد خلف الستار، وجزء أخر من الواقع المُحيط.

كيف اختلفت نظرتك للحياة بعد أن كتبت أول عمل أدبي؟

العمل الأول أخذ وقت ومجهود كبير في الدراسة لبناء الأمور على حقائق وإن كانت بشكل ممزوج بالفانتازيا، في الواقع، العالم مختلف في باطنة عن ما يحدث أمام أعيننا، إدراكنا البسيط خلال بعض السنوات التي نحياها لمختلف أمور لا تتعدى ١% عما يحدث ببلاد أخرى.
أدركت أن الإنسانية مجرد شعارات تُقال لكسب التعاطف وأننا مختلفون دائماً وإلى الأبد في تصنيفات مُتدنية للبشر إما عن طريق اللون أو العرق أو الدين.

كيف كانت تجربتك عند البحث عن ناشر لهذا الكتاب، ودور الميديا في تلك المرحلة؟

قد أعد نفسي ضمن المحظوظين بخلاف بعض الزملاء، الذين عانوا من عدم التزام بعض دور النشر  بعقود النشر، أو والتكلفة الباهظة للرواية.
لم أعاني في البحث عن دار النشر، وفي الواقع لعبت الميديا دور كبير في هذا الأمر عندما تعرفت على الكاتب محمود زيدان حافظ، حظيت بخبرته الواسعه على مدار السنوات،  ونصحني بالتعامل مع دار ديوان العرب للنشر والتوزيع، وبالفعل وجدت المكان المنشود بالنسبة لي، تهتم الدار بالأدب الحقيقي وعدم المتاجرة وتحقيق أحلام الأدباء، تحت قيادة د/محمد وجيه.

الميديا هي وسيلة التغير نحو الأفضل أو هدم ما تبقي، في الحقيقة أرى أنها  سبيل الخلاص من خلال نشر الفكر الجيد، أو سبيل الهلاك على وجه أخر وهو الراجح لي أنها لم تعد أرض الحرية والنقاش بسبب اتخاذ بعض القرارات والإجراءات لفئة معينة وفرضهم على المجتمع وتدمير أي شخص أخر يدعم فئة معادية لصناع القرار داخل الميديا ذاتها، الأمر يدعوا إلى القلق. 
95% من الشباب الآن الفكرة الرائجه بينهم هي الشهرة من خلالها بأي وسيلة مهما كانت مخالفة للعرف أو الدين، وكل الامور تتم تحت رضا الأهل وتلك مُشكلة أكبر.

كيف استقبلت ديوان العرب كتابك من الاسم إلى الفكرة والعمل؟ 

تم استقبال كتابي  _نسر الدم_ ضمن إحدى فعاليات ديوان العرب وهي مسابقات بتكلفة قليلة جدا، وهو الأمر الذي لم أجده مقنع بالبداية، لكن الدار تقدم أمور حقيقة ومساعدات للكتاب تجعلني أفتخر أن يتم طباعة كتابي من خلالها، فبعد أن فازت الرواية والحمد لله بعد كذا مرحلة، تم العمل عليها بشكل مكثف من تدقيق ومراجعة.
وقيام نخبة من نقاد الدار بقراءة الرواية والاثناء عليها وكتب القراءة النقدية لها الكاتبة أريج دكا الشرفا، والكاتبة مي أبو صير. فلم يتم طباعة العمل فقد بل النقد بشكل رائع وأسلوب يدفع كل كاتب للتقدم نحو الأفضل.

هل يمكن إلقاء الضوء قليلا على هذا العمل؟

بالطبع، في نسر الدم  أردت تحقيق الواقعية من خلال التاريخ القديم ودمجه بالحديث عن طريق الفانتازيا، إيصال رسالة حول مفهوم  وجود الفرد بالحياة وطباعة منذ نشأته وأهدافه بالمتغيرات التي حوله، من قتالات عالمية بين الدول( الحرب العالمية الثانية) والعرق الأشد عنصرية حينها العرق الآري، ومعاناة طفل فهم مجرى الأمور حوله منذ كان بالهمد.
أحداث تحيطها الغموض منذ مولدة وتوليه زعامة الغابات السوداء إلى الحروب التي سوف يعلم من خلالها أن الجميع يعاني من قرارات وضعها الإنسان ذاته، وتزداد الأمور غرابة عندما يعلم حقيقة نسله، وأن هناك من تجاوز عمره قرون، وعليه أن يجتاز بالقبيلة إلى بر الأمان من خلال قرارات مصيرية تتعلق بِرقاب الكثيرين.

أسعدني أن كل من قرأ العمل وصفه (بفيلم أجنبي مشوق مثل بعض كتاب الأدب العالمي) كما تمنيت أن يكون، أصبح والحمد لله.

إقرأ أيضا لقاء خاص مع الكاتب محمد السيد رحمه

ما خطواتك للمرحلة القادمة؟

حاليا أعمل على الانخراط بشكل واسع داخل  مجال الكتابة والتعرف على  طرق الطرح المختلفة، والاستعداد جيداً لطرح فكرة جديد في كتابي الثالث إن شاء  الل.

ما عنوان الكتابين السابقين، وكيف يختلفان عن بعضهما وعن القادم؟

الأول نسر الدم، والثاني اكزاديا(اسقاط الإله) لكنها مؤجلة كونها داخل إحدى المسابقات.

أما وجه الاختلاف داخل الكتابين كما ذكرت سابقاً ليس مجرد قصة يتم سردها بل واقع يتم مزجه عن طريق الفانتازيا لمناقشة قضية مهمة داخل المجتمع.
نسر الدم تناقش الاختلاف داخل المجتمع وعدة قضايا فرعية داخل الرواية رغم اختلافها الظاهري لكنها متشابه في الحقيقة،

أما اكزاديا أحببت التركيز والتجول أكثر داخل أمر واحد وتوقع المستقبل القريب والبعيد نتيجة للسدومية وبقائها داخل المجتمع فهي لا تناقش الماضي والحاضر مثل نسر الدم، بل المستقبل القريب نتيجة التعايش مع مجتمع السدومية أو ما يعرف الآن بمجتمع ال (م).

والكتاب الثالث هو طريق أخر أسلكه نوع من الرومانسية والهدوء النفسي لكتابة شيء سلسل وجميل
واتمنى التوفيق.

كيف أضافت لك تجربة النشر مع ديوان العرب، وهل تغيرت مفاهيم التعامل مع دور النشر؟

أضافت دار ديوان العرب للنشر والتوزيع مفهوم الثقة والمصداقية بين الكاتب والدار، الآن لا تشكل لي فكرة النشر رهبة كالسابق ولا أخاف من فكرة سرقة المحتوى أو عدم تقديم الكتاب بشكل غير لائق.
إيجاد دار نشر تعمل بما يرضي الله والعمل على تطوير الكاتب والارتقاء بالأدب أمر نادر. حتى وإن كان هناك القليل نفس الشأن فديوان العرب غير مفهوم الأمر لتصبح كالعائلة وأن العمل أمر مقدس يتم التعامل معه بحرفية عالية جدا تحت قيادة د/ محمد وجبه و دفاديه هندومة.

كيف ترى منظومة القراءة والنشر في الوقت الحالي وأثرها على الكتاب؟

منظومة القراءة مختلفة عن السنوات السابقة بالتأكيد حيث أن التطور التكنولوجي والمؤثرات البصرية أصبحت هي الشيء الرائج بين فئات الشباب وتستحوذ على أغلبيتهم،  عكس الفئة الأكبر والتي كانت قاعدة جماهيرية للكتب والقراءة وتغذية العقل.
لهذا للأسف اتجه بعض الكتاب إلى نوع من الاسفاف الكتابي لفعل رجه للحصول على شهرة، والبعض الآخرين إلى نوع لا يليق أن ينسب إلى الأدب في صراع على الفئة المتماسكة بالكتب إلى الآن.
 
كل تلك الأمور جعلت الكاتب الجيد والدار في حالة يرثى لها، نتيجة إلى الغلاء المُفاجىء في الورق والطباعة، وتصرف بعض الدور لنشر أي شيء مهما.

ماذا يمكن ان نفعل لمواجهة تلك الظاهرة المتفشية  من الأدب الغير مقنن من وجهة نظرك؟

قال تعالى(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرقابة هي الرادع القوي تجاه بعض ما يُسمى للأسف نوع من الأدب، رقابة صارمة على ما يُبطع من كل دار لأن الأمر يتعلق بتغير مفهوم أجيال كاملة وتغير نظرتهم إلى الحياه،  قد يجد البعض أن كلامي نوع من تقييد حرية الإبداع لكن الحرية بالفعل مفتوحة في كل شيء والتقيد بالعرف والدين ليس تقيد بل هو هو أقرب إلى الإرشاد نحو المنفعة والفكر الصحيح..

  ما رأيك في الدعاية التسويقية للكتب قبل المعارض؟

أصبحت الدعاية التسويقية من الأساسيات حيث يقلق القارئ كثيراً عند شراء أي كتاب بسبب التكلفة العالية، لذا لابد من معرفة فكرة عامة عنه إن كان يستحق الاقتناء أم لا.
وفي الواقع الأمر في غاية الروعة بالنسبالة لي دار ديوان العرب، لم تكتفي بالتسوق للكتب فقط بل عمل فديوهات لمحتوى الكتب بشكل جميل وراقي.

هل تظن أن صناعة الكتاب ستختلف في الفترة القادمة مع وجود الحرب بين الورق والتكنولوجيا؟

الحرب غير عادلة بين الطرفين، وقد تكون محددة لسهولة الحصول على أغلب المعلومات من التكنولوجيا، بأخر الاحصائيات من شركة جوجل أن أغلب الفئات العمرية من ١٢_٢٠ عام استبدلت محركات البحث بالتطبيقات المشاهدة مثل تيك توك ويوتيوب وغيره، على الجانب الآخر هناك معوقات كثيرة في صناعة الكتب، وقد تندثر الطباعة الورقية وتعوض عنها النشر  الالكتروني لسهولة الحصول عليها بتكلفة أقل. لذا لابد من تحرك صناع القرار لموازنة الأمر وبث حب القراءة والكتب بشكل أساسي داخل الصغار.

اليوم وبعد أن وضعت حجر الأساس في الرواية وبناء على تجربتك، كيف توجه الشباب برحلتهم التالية؟

الحياة قصيرة لكنها متنوعة وجميلة، الحظ والثراء والشهرة لن تطرق باب كل شخص ليحصل عليها ولكن بالعمل والكد والبحث المستمر والتطوير، نحصد ثمار تلك السنوات، وليس من الضرورة الحصد في تلك الحياة، الجميع يؤمن  أن هناك حياة أخرى تستحق التعب من أجلها.

فإن كان هدف أي شخص دخول مجال الكتابة فلا يستسلم ويستسهل الأمر وينجرف نحو الكتاب الغير لائقة، لأننا مُحاسبوب في النهاية ولابد من ثقل مهارات الكتابة والقواعد، والقراءة الكثيرة، وأمر هام أن الشغف لا يموت مازال الشخص يتنفس مهما كان المجال مختلف لكل منا دور إن فعله بإتقان سوى تسود الأجيال القادمة إن شاء الله.


حوار/ أميرة إسماعيل 

 

إرسال تعليق

comments (0)

أحدث أقدم
Post ADS 2

آخر الأخبار

Post ADS 2