الأدب له فنون، وضيفي نال حظه منها مبغاه، فين تحدثه تجده يبحر في نهره،
نتعرف في موعد خاص ولقاء مع الكاتب عبده حسين إمام، والذي بدأت معه بجملة...
في البداية نود التعرف أكثر على م. عبده حسين إمام؟
عبده حسين إمام شاعر وقاص وكاتب مقال نقدي انطباعي،
بالطبع مع عملي كمهندس استشاري بالإشراف على بعض المشروعات الكبرى.
كيف بدأت مرحلة النهم للأدب ونمو موهبة الكتابة؟
منذ الطفولة عندما تفتحت عيناي على مكتبة أحد
أقارب جدتي إذ كان يعمل بسلك القضاء وكان لديه مكتبة ضخمة عامرة بجميع صنوف الكتب من
أدب وتاريخ ودين وبالطبع كتب القانون، بالإضافة لما كنت أقتنيه من مصروفي الصغير من
مجلات ثقافية وأخص بالذكر مجلة العربي في قمة عطائها في ثمانينيات القرن الماضي ولا
أنسى دور المدرسة ومكتبة الفصل وغرس حب القراءة في نفوس التلاميذ بعمل ملخص لكل قصة
وإصدارات مكتبة الأسرة في جميع فروع الأدب والعلوم والفنون بإشراف من قامات ثقافية
سامية مثل د. سمير سرحان، ود. محمد عناني.
الهندسة والأدب شتان، فالأول يعتمد مقاس وتحليلات، والثانية تعتمد الإبداع، كيف التقى الاثنان لديك؟
ربما ظاهريا يبدوان كأنهما مجالان بعيدان بحكم
ما تعتمده الهندسة من قياس وتحليل كما ذكرتم ولكن أرى أن الأديب؛ مهما برزت موهبته
وعلا إبداعه لابد أيضا أن يعتمد على قواعد وأسس بدونها لا تستقيم كتاباته، ويبدو ذلك
في ساحة الأدب من يأفل نجمه سريعا ومن يبقى ويستمر لاستناده على قواعد راسخة في البناء
الأدبي.
القصة ربة الأدب العربي، وأيقونة الأدب الغربي، فكيف اختلفت القصة لدى إمام القصاص؟
القصة لابد أن تحقق للقارئ الدهشة والانبهار ويتحقق
ذلك من خلال فكرة مبهرة تجذب انتباهه، أو مكان في مجتمع غير مألوف _مثل وصف مجتمع الغجر
في قصتي "خيانة الأراجوز"_ أو اقتناص لحظة زمنية فاصلة مع الحفاظ على مقومات
القصة وأركانها طبعا وإذا طالعنا على سبيل المثال وليس الحصر مبدعا مميزا في مضمار
القصة القصيرة مثل يوسف إدريس سنرى كيف حققت عناصر قصصه الدهشة والتفرد في التناول
مثل قصة (بيت من لحم)، (العسكري الأسود). وأحرص دائما أن يغلب على قصصي البعد الإنساني
المنهج الوصفي في السرد والكتابة.
كاتب مخضرم، وعضو لجان تحكيم لفنون القصة بأنواعها، هل يمكن إلقاء الضوء على تلك التجربة؟
لا أخفي أنها تجربة مفيدة لي ككاتب أطالع خلالها
آخر ما وصلت إليه أقلام الكتاب الشباب من الإبداع، مضيفا لتجربة التحكيم ألا أكتفي
فقط بإعطاء التقييم بل بعمل التدقيق اللغوي للنص المعروض وإيجاز نقاط القوة والضعف
في النص حتى يستفيد الكاتب.
من القصص مجموعات وقصيصات، فنود معرفة هذه الكتب التي نشرتها والتي ما زالت في المخاض؟
بدأت
خوض تجربة النشر بديوانين من الشعر (أغنيات الرحيل)، و(ترانيم اللقاء) وهما يضمان مجموعة
كبيرة من القصائد التي كتبتها منذ ما يزيد عن خمسة عشر عاما مع القليل من القصائد الحديثة
والتي تدور كلها في فلك الشعر العمودي بناءً والشعر الوجداني مضمونا، أما عن عصارة
تجربتي الأدبية في الوقت الحالي هو ما عبرت عنه في إصداري الجديد المجموعة القصصية
(فأصبح هشيما).
وأعكف حاليا على ضبط وتدقيق المجموعة القصصية
الثانية، وتراودني نفسي على استحياء أن أخوض مجال الرواية ولدي بعض المسودات لروايات
لم تكتمل بعد.
كيف اختلفت تجربتك في الكتابة واستخدام الأسلوب من البداية إلى اليوم؟
نظرا لنشأتي واطلاعي على أمهات الكتب في سن مبكرة
لا أنكر احتفائي الزائد باللغة والتراكيب اللغوية والبلاغية التي قد تبدو صعبة أحيانا
وبدا ذلك عندما بدأت الكتابة سواء في مجال الشعر أو في مجال القصة القصيرة أما الفترة
الحالية قد تجاوزت ذلك نسبيا نظرا لقربي من القارئ وسهولة التواصل بين الكاتب والقارئ
جعلتني أقف بوضوح على فكر القارئ وذائقته بالقدر الذي لا يؤثر بالطبع على جودة المحتوى
وتحقيقه للمعايير الأدبية.
إقرأ أيضا لقاء مع د.احمد ابو تليح
كيف اختلفت تجارب النشر الورقي عن الإلكتروني؟
إحقاقا للحق ما زال النشر الورقي يحتل الصدارة
ويتصدر حيز تفكير الكاتب نظرا لثقافتنا المرتبطة بما هو موثق ومدون ومحفوظ، وأيضا لابد
أن نعترف أن النشر الاليكتروني إن أحسنّا التوقع أنه سوف يتصدر المشهد في وقت ما ولأنه
مرتبط بمنظومة اليكترونية من المواقع وطرق السداد الاليكتروني وهو أمر غير منتشر بشكل
كبير في بعض المجتمعات العربية مما يؤخر ويؤثر على تسويق النشر الاليكتروني.
نشرت العديد من الكتب الورقية، كيف بدأ هذا المشوار وما أوجه الاختلاف بين هذه الرحلة في دور النشر وبين رحلتك مع ديوان العرب؟
إنه لمن دواعي فخري أن يصدر لي كتابان من دار
ديوان العرب وجدير بالذكر أن المجموعة القصصية (فأصبح هشيما) كانت مرشحة للنشر مع أكثر
من دار نشر ونظرا لتجربتي الناجحة مع ديوان العرب فإنني فضلت ورأيت أنها الدار التي
من خلال أستطيع إيصال كلمتي وتسويق أدبي بالشكل الجيد وأيضا أؤكد على الجهود المخلصة
في التدقيق اللغوي الذي يعكف عليه مجموعة متخصصة متمكنة في مجال التدقيق وكذلك الإخراج
الفني البديع وتصميم الأغلفة التي أعتبرها لوحات فنية معبرة أشد التعبير عن محتوى الكتاب
ورسالته.
قرأنا وتعاملنا مع حسين إمام قصاص وناقد ومحكم، لكن كيف نصف المحرر بهذه التجربة وما يختلف به عن السابقات؟
إن التحرير الصحفي والأدبي وصياغة المقال أحسبها
من فنون الأدب، وأتشرف بعملي في مؤسسة اليوم الدولي الصحفية، وأثمن ما نقوم به في صفحة
الأدب والموقع الإلكتروني للجريدة من دعم لكل أدب حقيقي ورعاية المواهب، آملا من جميع
الصحف والمجلات أن تفسح مساحة أكبر للموهوبين والأصوات الأدبية الأصيلة التي لا تجد
منصة تعبر عنها.
القصة نالت من نصيبها ما نالت، وفي المسابقات نجد الكثير من الأعمال، والكثير من المصادفات، كيف توضح تلك النقطة؟
أحسب أن الاقبال الكبير على الكتابة الأدبية وخاصة
القصة ظاهرة إيجابية لأنها انعكاس صادق لأحداث المجتمع؛ فقد استطاع من خلالها الوسط
الثقافي اجتذاب غالبية الشباب واليافعين بل وكتاب كبار يستعيدون مشروعهم الأدبي الذي
ربما لم يحالفهم الحظ من قبل،
وذلك لما أراه من حراك ثقافي وتيسير وسائل النشر
الورقي والاليكتروني.
وأؤكد أنه لابد من التنبيه أنه وسط هذا الزخم
توجد مواهب ما زالت تحتاج إلى المزيد من الصقل والمراس، وفي نفس الوقت توجد قامات كبيرة
لم تأخذ مكانتها كما ينبغي في الصحف الرسمية ووسائل الإعلام المرئي.
اليوم ومن واقع تواجدك بالساحة الأدبية ككاتب ومحكم وناقد، ما الرسالة التي توجهها للناشئين والكُتاب كذلك؟
عدم الاكتفاء فقط بوسائل التواصل الاجتماعي في
تلقي الأدب ونشره، والرجوع إلى القراءة من خلال الكتاب مباشرة، والقراءة لرواد الأدب
العربي والعالمي، والحرص على حضور ندوات نوادي الأدب بقصور وبيوت الثقافة التابعة للأقاليم
الثقافية لوزارة الثقافة المتواجدة في جميع الأحياء والقرى والمدن، مع حرص الكتاب الشباب
على تعلم القدر الكافي من النحو والإملاء وعلامات الترقيم وأخذها في الاعتبار أثناء
الكتابة.
الفهرس
المقال |
|
الصفحة |
عدسة الماضي والحاضر بعين
الكاتب فتحي الحصري |
|
٣ |
إرسال تعليق